هل مشاعر الفقر تنتقل من الأم الى الجنين؟
الجنين، منذ لحظة
تكوّنه في رحم الأم، ليس مجرد كائن ينمو بيولوجياً فحسب، بل يتأثر بشكل مباشر بالبيئة
العاطفية والنفسية التي يعيش فيها. هذه البيئة تتشكل بشكل كبير من خلال مشاعر وسلوكيات
الوالدين وأنماط تفكيرهما، وخصوصاً الأم التي تكون في تواصل دائم مع الجنين خلال فترة
الحمل. في هذا المقال، سنتطرق إلى كيفية تأثير مشاعر الوالدين على مستقبل الجنين على
المستويين الجسدي والنفسي, وكيفية
التخلص من الأعباء الإنفعالية الموروثة.
1. التأثير
العاطفي على الجنين خلال فترة الحمل:
يعتبر الجنين حساساً
للغاية لمشاعر الأم وحالتها النفسية أثناء فترة الحمل. هذه المشاعر تؤثر بشكل كبير
على نموه الجسدي والعقلي، وذلك من خلال آليات بيولوجية وعصبية معقدة. في هذا القسم،
سنوضح كيف تتأثر صحة وتطور الجنين بالتغيرات العاطفية والنفسية التي تمر بها الأم خلال
فترة الحمل.
تأثير هرمونات المشاعر
على الجنين:
المشاعر التي تشعر
بها الأم تُحدث تغيرات في هرموناتها، وهذه الهرمونات تنتقل إلى الجنين عبر المشيمة.
على سبيل المثال:
الكورتيزول (هرمون
التوتر): عند
تعرض الأم للتوتر أو القلق لفترات طويلة، يفرز جسمها هرمون الكورتيزول بتركيزات أعلى.
هذا الهرمون يعبر من خلال المشيمة إلى الجنين، ما يؤثر على نمو جهازه العصبي والغدد
الصماء. الأبحاث تشير إلى أن التعرض الطويل للكورتيزول قد يؤثر على مرونة الدماغ وقدرته
على التكيف مع المواقف المجهدة في المستقبل.
الأوكسيتوسين (هرمون
السعادة والترابط): في حالات الفرح أو الشعور بالحب والراحة، يزداد إفراز الأوكسيتوسين في
جسم الأم. هذا الهرمون لا يعزز الشعور بالسعادة للأم فحسب، بل له تأثيرات إيجابية على
الجنين. يُعتقد أن الأوكسيتوسين يعزز تطوير الجهاز العصبي للجنين ويسهم في نمو الدماغ
بشكل صحي.
التوتر والقلق وتأثيره
المباشر على الجنين:
التوتر المزمن والقلق
خلال فترة الحمل لهما تأثيرات كبيرة على الجنين، خاصة إذا استمرت هذه المشاعر لفترات
طويلة. تشمل هذه التأثيرات:
نمو الجهاز العصبي: التوتر المزمن يمكن أن يعطل نمو الدماغ والجهاز العصبي لدى الجنين. الأبحاث أظهرت أن الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم لتوتر كبير خلال الحمل، قد يواجهون صعوبة في التعامل مع التوتر لاحقاً في حياتهم، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات عاطفية مثل القلق والاكتئاب.
الولادة المبكرة
أو انخفاض الوزن عند الولادة: التوتر المرتفع يزيد من احتمالية الولادة المبكرة، حيث يتم إطلاق هرمونات
تحفز تقلصات الرحم قبل الأوان. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب التوتر في تدفق غير
طبيعي للدم إلى الجنين، مما يؤدي إلى انخفاض الوزن عند الولادة أو تطور غير كامل لبعض
الأعضاء.
تأثير المشاعر الإيجابية
على الجنين:
الراحة والاسترخاء
: عندما
تكون الأم في حالة استرخاء وسعادة، يزداد تدفق الدم إلى المشيمة، مما يعزز من تغذية
الجنين بالأوكسجين والمواد الغذائية الضرورية. هذا يعزز من نمو الأعضاء الأساسية مثل
الدماغ والقلب، ويعطي الجنين فرصة أفضل للتطور بشكل صحي.
الحب والترابط: مشاعر الحب والترابط بين الأم والجنين،
حتى قبل الولادة، تؤدي إلى إفراز هرمونات مثل الأوكسيتوسين والإندورفين، والتي تعزز
من تطور الدماغ وتحسن من الاستجابة المناعية لدى الجنين.
تأثير البيئة النفسية
المحيطة: بيئة الأم النفسية تلعب دوراً مهماً في
نمو الجنين. إذا كانت الأم تعيش في بيئة داعمة ومحبّة، فإن هذا يؤثر بشكل إيجابي على
حالتها النفسية، وبالتالي على صحة الجنين. على النقيض، البيئات المليئة بالتوتر أو
العلاقات العاطفية المضطربة قد تزيد من احتمالات تعرض الأم للقلق والاكتئاب، مما يؤثر
سلباً على الجنين.
الجانب النفسي للجنين: هناك
دراسات تشير إلى أن الجنين، حتى في مراحله المبكرة، يمتلك قدرة معينة على "الإحساس"
بما يحدث حوله. على سبيل المثال، في الثلث الثالث من الحمل، يبدأ الجنين في التفاعل
مع الأصوات والمشاعر التي تشعر بها الأم. الأصوات القوية، مثل الصراخ أو النزاعات،
قد تؤدي إلى زيادة نشاط الجنين بشكل غير طبيعي، في حين أن الأصوات الهادئة أو الموسيقى
الهادئة قد تساعد في تهدئته.
تأثير مشاعر الأب
على الجنين:
الأب هو جزء أساسي في توفير الدعم النفسي والعاطفي للأم أثناء فترة الحمل. مشاعر الحب، الحنان، والتفاهم التي يقدمها الأب يمكن أن تكون عاملاً مهماً في تخفيف مشاعر القلق أو التوتر التي قد تعاني منها الأم. عندما يشعر الأب بالارتباط العاطفي القوي مع الأم والجنين، يسهم في تعزيز بيئة نفسية إيجابية للأم، والتي تؤثر بشكل مباشر على الجنين.
التخفيف من التوتر
والقلق: الأب
يمكنه أن يلعب دوراً رئيسياً في الحد من مستويات التوتر لدى الأم، من خلال توفير الدعم
العاطفي والتفاعل الإيجابي. على سبيل المثال، مشاركته في التجارب اليومية للحمل، مثل
زيارة الطبيب أو تحضير الأمور المتعلقة بالجنين، يمكن أن يساعد الأم على الشعور بالأمان
والاستقرار.
تعزيز السعادة والراحة
النفسية: الأبحاث
تشير إلى أن الأمهات اللواتي يتلقين دعمًا عاطفيًا قويًا من شركائهن خلال الحمل يتمتعن
بمستويات أقل من التوتر ويشعرن بالسعادة والرضا، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات السعادة
مثل الأوكسيتوسين والإندورفين التي تساعد على تطور الجنين بشكل صحي.
تأثير التوتر أو
الضغوط النفسية للأب على الأم والجنين:
في المقابل، إذا
كان الأب يعاني من مشاعر التوتر أو القلق أو كان غير قادر على تقديم الدعم النفسي للأم،
فقد يؤدي ذلك إلى زيادة مستويات التوتر لديها. هذه الحالة يمكن أن تؤثر على الجنين
من خلال عدة آليات:
زيادة مستويات التوتر
لدى الأم: إذا كان الأب يمر بضغط نفسي كبير أو يعاني من صعوبات
في التعامل مع مسؤولياته تجاه الأم أو الأسرة، فقد ينتقل هذا التوتر إلى الأم، مما
يؤثر على مستويات الكورتيزول في جسدها. كما ذكرنا سابقًا، زيادة الكورتيزول تؤثر سلبياً
على نمو الجنين، وخاصة على جهازه العصبي.
النزاعات الزوجية: في حالة وجود نزاعات بين الأب والأم، يمكن
أن تتأثر الأم نفسياً بشكل سلبي. النزاعات المتكررة تؤدي إلى زيادة الشعور بالتوتر
والقلق لدى الأم، مما يؤثر على الجنين بشكل مباشر. الدراسات تظهر أن الأطفال الذين
يولدون لأمهات عانين من توترات نفسية كبيرة خلال الحمل يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل
سلوكية أو عاطفية فيما بعد.
التفاعل الإيجابي
للأب مع الجنين:
إضافة إلى تأثير
مشاعر الأب على الأم، هناك دور مهم للتفاعل المباشر بين الأب والجنين. رغم أن الجنين
لا يتفاعل بشكل مباشر مع الأب كما يفعل مع الأم، إلا أن هناك طرقاً يمكن للأب من خلالها
تعزيز هذا التفاعل:
التحدث مع الجنين: يُنصح الآباء بالتحدث مع الجنين منذ المراحل المتقدمة من الحمل، خاصة خلال الثلث الثاني والثالث. الأصوات الخارجية، بما في ذلك صوت الأب، يمكن أن يسمع بوضوح داخل الرحم. سماع صوت الأب بانتظام قد يعزز الترابط العاطفي بينه وبين الجنين ويجعل الطفل يشعر بالأمان بعد الولادة.
لمس بطن الأم: اللمسات الخفيفة لبطن الأم من قبل الأب،
مثل التربيت أو مداعبة البطن، يمكن أن تكون وسيلة أخرى لتواصل الأب مع الجنين. هذا
النوع من التفاعل يمكن أن يعزز من شعور الأب بالارتباط العاطفي مع الجنين، كما يساعد
الأم على الشعور بالحب والاهتمام، مما يخفف من توترها ويزيد من إفراز هرمونات السعادة.
التأثير النفسي طويل
المدى لمشاعر الأب على الجنين:
مشاعر الأب وسلوكه
خلال فترة الحمل قد يكون لها تأثير طويل المدى على الطفل بعد الولادة. الدراسات تشير
إلى أن الأطفال الذين يولدون في بيئات عائلية داعمة ومستقرة يتمتعون بمستويات أقل من
التوتر خلال طفولتهم، مما يساهم في تعزيز تطورهم النفسي والعقلي بشكل سليم.
الدعم الأبوي والمستقبل
العاطفي للطفل: عندما
يكون الأب مشاركاً عاطفياً وداعماً للأم خلال الحمل، يمكن أن يساعد هذا في تقوية الترابط
العائلي وتعزيز البيئة المستقرة التي سيولد فيها الطفل. هذا الاستقرار يساهم في تعزيز
الصحة النفسية للطفل لاحقاً، حيث يكون أكثر قدرة على بناء علاقات صحية والشعور بالأمان
العاطفي.
تقليل مخاطر المشاكل
السلوكية: الأطفال
الذين يعيشون في بيئات مليئة بالتوتر والنزاعات يكونون أكثر عرضة لمشاكل سلوكية واضطرابات
عاطفية. على العكس، الأطفال الذين يتواجدون في بيئة يتلقى فيها الأب والأم الدعم العاطفي
المتبادل ينمون بشكل أكثر استقراراً ويظهرون سلوكيات اجتماعية أفضل.
2. التأثير
البيولوجي لمشاعر الوالدين على الجنين:
المشاعر التي يعيشها
الوالدان، خاصة الأم خلال فترة الحمل، لها تأثيرات عميقة على الجنين لا تقتصر على الجانب
النفسي فحسب، بل تمتد إلى التأثيرات البيولوجية. هذه التأثيرات تشمل تغيرات في مستويات
الهرمونات، تدفق الدم إلى الجنين، وحتى التغيرات الجينية التي قد تؤثر على صحة الطفل
في المستقبل. في هذا القسم، سنتناول بالتفصيل كيف تؤثر مشاعر الوالدين بيولوجياً على
الجنين.
التغيرات الهرمونية
وتأثيرها على الجنين:
المشاعر التي يعيشها
الوالدان تؤدي إلى إفراز هرمونات معينة في الجسم، وهذه الهرمونات تلعب دوراً مهماً
في تطور الجنين.
التوتر والقلق - هرمون الكورتيزول:
عندما تشعر الأم
بالتوتر أو القلق، يفرز جسمها هرمون الكورتيزول، وهو هرمون مرتبط بالاستجابة للتوتر.
الكورتيزول يؤثر على عدة جوانب من صحة الجنين:
نمو الدماغ: زيادة
مستويات الكورتيزول تؤثر على نمو الدماغ والجهاز العصبي للجنين. الأبحاث أظهرت أن التعرض
المفرط للكورتيزول في الرحم يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في النمو العصبي والعاطفي، مثل
زيادة القابلية للإصابة بالقلق أو الاكتئاب في مراحل لاحقة من الحياة.
الجهاز المناعي:
الكورتيزول يؤثر أيضاً على نمو الجهاز المناعي للجنين. إذا كانت الأم تعاني من توتر
مزمن، فقد يؤدي ذلك إلى اضطراب في نمو الجهاز المناعي، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى
أو الأمراض في المستقبل.
السعادة ,الراحة
والاستقرار النفسي – هرمونات السعادة :
عندما تكون الأم
في حالة نفسية جيدة وتشعر بالراحة والاستقرار العاطفي، يفرز جسمها هرمونات مثل الأوكسيتوسين
(هرمون الحب) والإندورفين (هرمون السعادة). هذه الهرمونات تعزز من تطور الجنين بشكل
صحي, كما يساهم في تحسين تدفق الدم إلى المشيمة، مما
يوفر للجنين المزيد من الأكسجين والمواد المغذية. يعتقد أيضاً أن الأوكسيتوسين يعزز
من نمو الدماغ والجهاز العصبي، ويهيئ الطفل ليكون أكثر استجابة للعلاقات الاجتماعية
بعد الولادة.
تدفق الدم إلى الجنين :
حالة الأم النفسية
تؤثر على كيفية تدفق الدم إلى الجنين. عند التوتر، يمكن أن يتسبب إفراز هرمونات التوتر
مثل الكورتيزول والأدرينالين في تضييق الأوعية الدموية، مما يقلل من تدفق الدم إلى
المشيمة. هذا النقص في تدفق الدم يؤثر بشكل مباشر على وصول الأكسجين والمواد المغذية
إلى الجنين، وهو أمر ضروري لتطوره الصحي, في المقابل نقص تدفق الدم يمكن أن يؤثر على نمو الأعضاء الحيوية مثل القلب والكلى
والرئتين. الأطفال الذين يولدون لأمهات تعرضن لتوتر مزمن قد يكونون أكثر عرضة للإصابة
بمشاكل في هذه الأعضاء لاحقاً في الحياة.
التغيرات الجينية
وتأثيرها على مستقبل الطفل:
إلى جانب التأثيرات
الهرمونية وتدفق الدم، هناك تأثيرات على المستوى الجيني تحدث نتيجة لمشاعر الوالدين،
وخاصة الأم، خلال فترة الحمل. هذه التأثيرات تعرف باسم "التأثيرات الوراثية
أو الجينية"
.
التأثيرات اللاجينية تعني أن التجارب والمشاعر التي تعيشها الأم يمكن أن تؤثر على كيفية تعبير الجينات لدى الجنين، دون أن تغير تسلسل الحمض النووي نفسه. على سبيل المثال:
زيادة احتمالات الإصابة
بالأمراض: الأطفال
الذين يتعرضون لمستويات عالية من التوتر داخل الرحم قد تتغير لديهم الجينات المسؤولة
عن التحكم في التوتر والالتهابات، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري
وأمراض القلب في المستقبل.
التأثيرات على النمو
العقلي والسلوكي: التغيرات
الجينية التي تحدث نتيجة لتجارب الأم العاطفية يمكن أن تؤثر على نمو الدماغ والجهاز
العصبي. على سبيل المثال، التعرض المفرط لهرمون الكورتيزول يؤثر على الجينات المسؤولة عن تنظيم التوتر، مما
يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة باضطرابات عاطفية وسلوكية مثل القلق والاكتئاب.
3. كيفية التخلص من الارث الانفعالي:
التخلص من
"الإرث الانفعالي" الناتج عن مشاعر التوتر والضغوطات وكل المشاكل والعقد
النفسية التي قد تنقلها الأم أو الأب إلى الجنين خلال فترة الحمل يمكن أن يكون تحديًا،
ولكنه ليس مستحيلاً. يمكن التعامل مع هذا النوع من الإرث العاطفي بعدة طرق نفسية وعملية
. إليك بعض الخطوات والممارسات التي قد تساعد على التخلص من هذا الإرث الانفعالي:
الوعي والإدراك:
الوعي والإدراك هما المفتاحان الأساسيان لفهم والتخلص من الإرث الانفعالي الموروث.
كلاهما يتعلق بتطوير فهم أعمق لأنماط التفكير والعواطف التي تؤثر على حياتك اليومية.
إليك مزيدًا من التوضيح:
الوعي :
الوعي هو القدرة على إدراك الذات والعالم الخارجي بشكل واعٍ ومتفتح. يتعلق بالقدرة
على ملاحظة الأفكار، العواطف، والسلوكيات دون الانغماس فيها أو التفاعل معها بشكل غير
مدروس. في سياق الإرث الانفعالي, عليك أن تكون مدركًا أن
بعض مشاعرك وسلوكياتك قد تكون موروثة من الوالدين أو البيئة التي نشأت فيها. على سبيل
المثال، إذا كان أحد والديك يعاني من الغضب المزمن أو القلق، فمن الممكن أن تكون قد
تبنيت بعضًا من هذه المشاعر دون وعي. حينما تبدأ بفهم كيفية تأثير هذه العواطف الموروثة
على حياتك تدرك أن هذه الأنماط قد لا تكون نابعة منك بل هي نتيجة لتأثيرات سابقة.
الإدراك :
الإدراك هو العملية العقلية التي نستخدمها لفهم وتفسير المعلومات. يتعلق بكيفية
معالجة العقل للتجارب والمشاعر، ويشمل الذاكرة، الفهم، الحكم، والتفكير المنطقي.
في سياق الإرث الانفعالي, الإدراك يساعدك على تفكيك الأنماط الانفعالية
وفهم كيف تعمل. من خلال التفكير المنطقي، يمكنك أن تسأل نفسك: "لماذا أتصرف بهذه
الطريقة؟"، "هل هذا الشعور أصيل أم أنه نتيجة تأثيرات سابقة؟". كما أن الإدراك يساعدك
على إعادة صياغة الأفكار التي قد تكون موروثة. على سبيل المثال، إذا كنت تعتقد أنك
"لن تكون جيدًا بما يكفي" لأن هذه الفكرة تم تعزيزها من خلال تجربة والديك،
يمكنك استخدام الإدراك لتغيير هذا النمط الداخلي والتفكير بطرق أكثر إيجابية وواقعية.
التأمل واليقظة الذهنية:
تقنيات التأمل واليقظة الذهنية هما تقنيات تساعد على تعزيز الوعي الداخلي والقدرة
على التعامل مع الأفكار والمشاعر بشكل صحي وهادئ. يمكن أن تكون هذه الأدوات مفيدة بشكل
خاص للتخلص من الإرث الانفعالي الموروث. دعنا نتعمق أكثر في كل منهما:
التأمل:
التأمل هو ممارسة ذهنية تهدف إلى تهدئة العقل وزيادة التركيز الداخلي. من خلال
التأمل، تتعلم مراقبة الأفكار والمشاعر دون التفاعل معها، مما يساعدك على تحقيق حالة
من السكينة الداخلية والتوازن النفسي.
كيف يعمل التأمل:
التأمل يشجع على التركيز على اللحظة الحالية بدلاً من الانشغال بالماضي أو القلق
بشأن المستقبل. في هذه اللحظات، تتعلم أن تلاحظ الأفكار التي تأتي وتذهب دون أن تدعها
تؤثر عليك.
التأمل يعتمد في كثير من الأحيان على التنفس العميق والبطيء، والذي يعمل على
تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر والقلق. كما يساعد على تفريغ
العقل من الضغوطات والضجيج الداخلي، مما يمنحك مساحة لفهم أعمق لأنماط التفكير والمشاعر
التي تمر بها.
فوائد التأمل للتخلص من الإرث الانفعالي:
من خلال التأمل، تتعلم مراقبة الأفكار والعواطف دون أن تصبح جزءًا منها. يساعد هذا على تقليل التأثيرات السلبية للإرث الانفعالي. لأنه يقلل من التوتر المرتبط بالعواطف الموروثة، مثل القلق أو الغضب، مما يسمح لك بمواجهة هذه العواطف بشكل أكثر هدوءًا, وبمرور الوقت، يمنحك التأمل الشعور بالتحكم في عقلك وعواطفك، بدلاً من أن تكون تحت تأثير الأنماط الموروثة.
اليقظة الذهنية:
اليقظة الذهنية هي القدرة على أن تكون حاضرًا بالكامل في اللحظة الحالية دون
الحكم على ما تشعر به أو ما تفكر فيه. تتعلق هذه الممارسة بتطوير حالة من الوعي المستمر
بما يحدث داخليًا وخارجيًا.
كيف تعمل اليقظة الذهنية:
من خلال اليقظة الذهنية، تتعلم أن تكون حاضرًا بشكل كامل في أي نشاط تقوم به،
سواء كان ذلك الأكل، المشي، التحدث، أو حتى العمل. تلاحظ كيف يشعر جسمك، ما الأفكار
التي تدور في ذهنك، وكيف تؤثر عواطفك عليك. ببساطة التركيز
على التنفس وملاحظة كيف يدخل الهواء إلى الجسم ويخرج منه، مما يساعد في الحفاظ على
الانتباه في اللحظة الحالية.
فوائد اليقظة الذهنية للتخلص من الإرث الانفعالي:
عندما تكون في حالة يقظة ذهنية، تتعلم أن تستجيب للعواطف بشكل واعٍ بدلاً من
أن تكون ردة فعلك تلقائية وغير مدروسة. من خلال اليقظة
الذهنية، تتعلم أن تتقبل الماضي والأفكار الموروثة دون السماح لها بالتحكم فيك. هذا
القبول يعزز الشعور بالسلام الداخلي
تأثير مشاعر الوالدين،
وخاصة الأم، على الجنين يتجاوز مجرد الجانب العاطفي. يمكن أن تؤثر مشاعر التوتر أو
الاستقرار بشكل مباشر على تطور الجنين الجسدي والعقلي. من المهم أن يكون الوالدان على
دراية بتأثير مشاعرهما على مستقبل طفلهما، وأن يسعيا إلى خلق بيئة داعمة ومستقرة خلال
فترة الحمل لتحسين فرص نمو صحي وسليم للجنين لكي لايتم توريثه أية أعباء إنفعالية .